كيف تختار محاميك .. ؟
إن من المهام الصعبة التي تواجه الإنسان في حياتنا المعاصرة هي اختياره لمحاميه . فكلنا
يرجو أن يقع اختياره على محامٍ ناجح ذي مهنية عالية يكون موضع ثقته .
بدايةً . . . . أود أن أمهد بين يدي كلامي بالقول :
إن التعارف بين البشر عموماً يتم عن طريقين : الطريق البصري والطريق السمعي .
فالناس تلقاك بمظهرك وتودعك بعقلك , فاللباس الأنيق يشي بشكل أو بآخر بشخصية المحامي
ويعطي انطباعا عاماً عن مدى نجاحه . فاللباس هو المعيار المادي الأول ( البصري ) الذي
نستطيع بواسطته أن نحدد الملامح الرئيسية لشخصية المحامي فمراعاة المحامي لمظهره
الخارجي يجعله بمستوى ثقة موكله وتقبله لمحاميه بجدية واحترام .
ولا تكتمل صورة المحامي الناجح إذا لم يستقبل موكله في مكتبه , فالمكتب يجب أن لا يقل
أناقة عن مظهر المحامي بل يتناسب معه .
لكن لا يمكن استكمال التصور لشخصية المحامي إلا باللجوء إلى الطريق الثاني ( السمعي )
وهو بالتحدث المباشر مع المحامي وعندها إما أن يصدق السمعُ البصرَ أو يكذبه .
فمن المهم أن ينتبه الموكل إلى اتزان المحامي أثناء الكلام , فالسلاسة في الكلام
والنظرة الواثقة من المحامي توضح الكثير عن شخصيته .
ويستطيع الموكل بشيء من الفطنة أن يميز بين المحامي الذي يقدم نفسه بشكل صادق موضحاً له
أبعاد مشكلته والطرق الممكنة لحلها ، والمحامي الاستعراضي الذي يمثل دور ( الفهلوي ـ
الحربوق ) الذي لا تسبر أغوار علمه بالقانون , ولا حدود لمعارفه من الشخصيات الهامة
المؤثرة , وقد يكنيهم ( أبو فلان ) إيحاء منه بعمق معرفته الشخصية بهم متحدثاً لك عن (
الخوش بوشيه ) ورفع الكلفة بينه وبينهم .
ثم يقنعك بأن قضيتك مضمونة ( مليون بالمئة ) وأنك محظوظ إذ وقعت على محامٍ مثلَهُ .
الحقيقة إن هذا النوع من المحامين نصب شباكه لاصطياد الزبائن ولا يهمه سوى أخذ التوكيل
منك بأي ثمن , و لا يهمه اطلاعك على حقيقة مشكلتك . أما النوع الآخر فهو المحامي الذي
يتصرف مع موكله بعنجهية وتكبر زائدين فهو إما أنه يمثل دور المحامي المشغول جداً ( وهو
غير صادق ) فاجتنبه , و إما انه غير مهتم بتوكيلك لسبب أو لآخر فهو بالتالي لن يوليك
الاهتمام اللازم وسيكون ابتعادك عنه أفضل لك مستقبلاً . ومن المحامين من يرفع قيمة
أتعابه بشكل كبير وغير مبرر ليستقطب الموكلين الذين يقعون في وهم أن المحامي كلما زادت
أتعابه فهو الأفضل بين زملائه ( تعالت الحقيقة عما يتوهمون . )
وليس من نافل القول التأكيد أن المحامي الناجح لا يسمح لنفسه أن يتلفظ معك بكلمات
سوقية بذيئة حتى لو أوردت أنت في كلامك بعض هذه الكلمات فإنه لن ينساق مطلقاً في
إيرادها .
ولا يقوم المحامي الناجح أبداً بالطعن في زميل له , مهما تكن الأسباب وخصوصاً محامي
الخصم بل يُظهر احتراماً للزمالة تبدو واضحة من كلامه المتزن . ومع كل ما ذكرت فمن
السذاجة بمكان أن نعتقد أن اللباس والمكتب الأنيق وطريقة الكلام كافية وحدها لتمييز
المحامي الناجح من غيره فهناك أيضاً الإمكانيات العلمية القانونية والمهنية والخبرة
والموهبة وهي تختلف من محامٍ لآخر زيادة ونقصاناً . وقد ذكر أحد المحامين الكبار حين
سئل عن الطريقة المثلى للتميز بين المحامي الناجح وغير الناجح فأجاب : ( إنها نفس
الطريقة التي تميز بها الطبيب الناجح من غيره , إن ما يهم الناس قبل كل شيء النتيجة ,
فإذا تم شفاء مريض على يد الطبيب فهذا لا يعني شيئاً , وإذا شفي مريضان فهذه قد تكون
مجرد صدفة , أما إذا لاحظ الناس أن ( 90% ) تسعين بالمئة من مرضى الطبيب يتحسنون على
يديه ويصلون إلى النتيجة المطلوبة من العلاج فهذا يعني أنه طبيب نطاسي حاذق ذو مهنية
عالية . مع ملاحظة الفرق أن الغاية في مهنة المحاماة لا تبرر الوسيلة إن كانت غير
قانونية وغير أخلاقية فالمحامي الذي تنعدم عنده رقابة الضمير هو محامٍ فاشل في شِرعة
الحق والعدالة مهما نجح في وصوله لغاياته .
وأخيراً أقول إن اختيار المحامي دليل على عقل الموكل وفطنته كما قال الشاعر :
قد عرفنـاك باختيارك إذ كان دليــلاً على اللـبيب اختيـاره